الاثنين، 23 أغسطس 2010

زوار الرباط يتعرفون على تاريخ المغرب من خلال مجموعات نقدية نادرة

زوار الرباط يتعرفون على تاريخ المغرب من خلال مجموعات نقدية نادرة

اقتناها البنك من عالم مسكوكات جمعها من مختلف مناطق البلاد

قطع نقدية نادرة (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
عملات ومسكوكات نادرة في متحف النقود في الرباط
الرباط: لطيفة العروسني
معلومات غزيرة يوفرها متحف بنك المغرب في الرباط، لزائريه، تغوص بهم في أعماق التاريخ والجغرافيا، وتسترجع أمجاد الإمبراطوريات والممالك المتعاقبة على مر الأزمان، تلخصها مجموعة نادرة من النقود القديمة منذ ظهور النقود في القرن السابع قبل الميلاد.

لكن قبل أن يستعمل الإنسان النقود كان هناك نظام يعرف بنظام المقايضة، وقد تتفاجأ إذا ما علمت أن الملح الذي يعد أرخص وأبخس مادة اليوم كان وسيلة للمقايضة بسبب نذرته، وكان يستبدل أحيانا بالذهب وزنا بوزن قبل أن يتراجع لفائدة مواد أخرى مثل التوابل والورق والنسيج.

اقتنى «البنك المخزني» وهو الاسم السابق لبنك المغرب معظم النقود المعروضة في المتحف عام 1947 من «دومينك بريث» وهو عالم مسكوكات أقام في المغرب طوال النصف الأول من القرن العشرين، وجمع عددا كبيرا من القطع النقدية التي عثر عليها في مختلف المناطق المغربية، هذه القطع النقدية تروي تاريخ المغرب منذ الفترات القديمة وحتى عام 1940. وعلى مر السنين تم إثراء المتحف بمجموعات نقدية أخرى لتصل إلى 30 ألفا حاليا. وهي من أغنى المجموعات النقدية وأكثرها تنوعا إذ لا تقتصر على حقبة تاريخية معينة. وتعود أقدم القطع النقدية التي يتوفر عليها المتحف إلى القرن السابع قبل الميلاد أي منذ ظهور النقود ودخولها إلى المغرب مرورا بمملكة موريتانيا في القرن الأول قبل الميلاد ودخول النقود الإسلامية إلى شمال أفريقيا وبلاد الأندلس ومراحل الأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين وصولا إلى عهد الدولة العلوية.

وأنشئ متحف النقود للمرة الأولى عام 1992 قبل أن يتحول إلى البناية التي يوجد فيها الآن بمقر البنك وسط الرباط، وتم افتتاحه في مايو (أيار) الماضي، ويمتد على مساحة 2000 متر مربع، وهو مصمم بشكل عصري وأنيق يستجيب لمعايير تقنية عالية من حيث الإضاءة والتنقل بكل سلاسة بين الواجهات الزجاجية التي تحفظ داخلها النقود على شكل جدران. ويضم المتحف ثلاثة أقسام خصص القسم الأول لتاريخ النقود، والثاني لمهن البنك فيما صمم الثالث على شكل رواق فني.

وتشير المعلومات التي يوفرها المتحف والتي ترافق كل مجموعة نقدية إلى أنه منذ ظهور النقود في القرن السابع قبل الميلاد ظلت عملية سك النقود ترتكز على تقنية الضرب على القالب بواسطة المطرقة، ويحتفظ المتحف بنماذج من قوالب سك النقود وآلات تقطيع الأقراص النقدية من مختلف الأحجام.

تشمل مجموعة النقود القديمة لبنك المغرب قطعا مصنوعة من معادن مختلفة من النحاس والرصاص والذهب والفضة والبرونز، نقشت عليها صور ملوك ورسوم حيوانات ونباتات مرسومة بدقة متناهية. وتضم مجموعة النقود الإغريقية والرومانية القديمة النادرة، إضافة إلى مختلف فئات الأوراق النقدية التي أصدرها البنك منذ عام 1911.

ويعرض المتحف مجموعات نقدية منذ تأسيس الدولة العلوية أواسط القرن الـ17 الميلادي، وتعد عملة «الموزونة» التي سكها المولى الرشيد أول دينار ذهبي للأسرة العلوية قبل أن يتم الاقتصار على سك نقود من معدن البرونز نتيجة فراغ بيت المال، بعد اضطرار المغرب لدفع 100 مليون «بسيطة» للإسبان كمقابل لاستعادة مدينة تطوان أواخر القرن الـ19.

ويعتبر الأمويون أول من سك النقود بالمغرب، وهي نقود تشبه ما كان متداولا عند الرومان، أما العباسيون فسكوا نقودا برونزية صغيرة تدعى «الفلس»، وفي عهد الأدارسة، تم سك الدرهم الفضي، وفي عهد المرابطين نقشت آيات قرآنية على الدنانير الذهبية، وهذا تقليد اتبعته مختلف الأسر التي تعاقبت على حكم المغرب كالمرينيين والوطاسيين والسعديين.

وتشير المعلومات التاريخية إلى أن الأدارسة اقتصروا على سك الدراهم الفضية والنحاسية، ولم يسكوا الدنانير الذهبية، لأن ذهب السودان كان يوجه إلى إمارة بني مدرار بسجلماسة، وضرب المولى إدريس الأول عقب مبايعته سنة 172 هجرية نقودا بـ«تدغة» ثم بمنطقة وليلي.

وتشير نفس المصادر إلى أن استغلال المعادن عرف، خلال فترة حكم إدريس الثاني، أي من 167 إلى 213 هجرية، ازدهارا مهما وتعددت دور السك التي كان من أهمها «العالية» على الضفة اليسرى لوادي فاس، و«وزقور» قرب مدينة خنيفرة حاليا. وكان الدرهم خلال عهدي إدريس الأول والثاني يزن 12 قيراطا، أي ما يعادل 2.34 غرام، ثم نزل وزنه إلى 11 قيراطا أو 2.15 غرام ليستقر عليه حتى نهاية الدولة الإدريسية.

وخلال القرن الحادي عشر الميلادي أنشأ المرابطون بشمال أفريقيا وبلاد الأندلس إمبراطورية واسعة، وتمكن المغرب في هذا العهد من تحقيق وفرة في النقود، تطور في عهد الموحدين والمرينيين، واستمر هذا الإشعاع النقدي طيلة 5 قرون من حكم هذه الدول المتعاقبة.

في عام 1959 حل بنك المغرب محل البنك المخزني وفي أكتوبر (تشرين الأول) من نفس السنة أصدر وحدة نقدية هي الدرهم وفي عام 1974 استحدث السنتيم بدل الفرنك الذي كان متداولا من قبل. ويضم المتحف مختلف النقود التي أصدرت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إلى جانب النقود المتداولة حاليا في عهد الملك محمد السادس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق